الاثنين، نوفمبر 12، 2012

نملة



كنت قبل الفجر أفكر فى مسأله الأمل و اليأس ، و أن الواحد منا لو نظر حوله  فقط و شاهد النمل هذه الكائنات الصغيرة متناهية الصغر لتعلم منها كثيرا من الدروس فى الصبر و الاحتمال و الأمل .

فأنت إذا نظرت إلى النمله و تأملتها و أنت فارغ الذهن قليلا غير مشغول البال ،و رأيتها و هى ترفع حبة من السكر او الأرز و تحملها على الحائط فى مثابرة عجيبه من أجل الاستعداد لتوفير مؤن الطعام لها و لمن معها  ، ثم ترى هذه الحبه و هى تسقط وبدون اى احساس بالذنب للتقصير أو عدم القدرة على رفع هذه الأحمال تنزل النملة و تعاود رفعها مرة أخرى  ، حتى إذا اقتربت من خندقها مرة أخرى تسقط  .. فتنزل و يتكرر هذا المشهد عدة مرات الى أن تصل فى النهايه الى مبتغاها.

معانى فى الأمل و عدم اليأس و الصبر و المحاوله و التجربة مرة تلو المرة ففى المرة الثانيه قد ترى النمله تحملها من جانب اخر و فى المره الثالثه قد ترى قرينة لها تساعدها فى الحمل للحبة حتى يتحقق الهدف المنشود

ثم بعد ذلك نزلت للصلاة فاذا الإمام يقرأ ايات من سورة النمل و عند قول الله تعالى  : ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين ( 15 ) وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين ( 16 ) وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون ( 17 ) حتى إذا أتوا على وادي النمل قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون ( 18 ) فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين ( 19 )
سورة النمل

توقفت أمام مشهدين:

 الأول حرص النملة على النجاه للجماعة قبل النجاه للفرد
فكان بوسعها أن تهرب بنفسها ولا يعنيها ما يحدث لجماعتها و لا لقومها من بنى النمل و تقول نفسى نفسى و من بعدى الطوفان كما هو حال البشر اليوم الذين فضلهم الله بالعقل !!
و لكنها ما سارعت الا لتنذر قومها و تحذرهم من هذا الخطر القادم

و مشهد النملة و الأدب الذى تحلت به و هى تتحدث عن نبى الله سليمان على الرغم من أنها قد تموت فى اى لحظه تحت أقدام جنده فهى تقول -- لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون
— اى التمست لهم العذر فى ما قد يحدث لهم
قال الطبرى :
( وهم لا يشعرون ) يقول : وهم لا يعلمون أنهم يحطمونكم .
فهذا المشهد من الأدب و الإحترام و التماس الاعذار أين نحن منه اليوم ؟؟ 


ثم المشهد الثانى و هو الأروع قول نبى الله سليمان -- وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين--

الله اكبر
الله اكبر 

نبى من أنبياء الله ما جعل ملكه الذى اعطاه له الله الا لطاعه الله و هو بن نبى فهو بن نبى الله داود عليهما أفضل الصلاة و التسلم

ولكن انظر الى فهم الانبياء و علمهم يقول – ادخلنى برحمتك – لا بعملى و لا بنسبى و لا بطاعتى و لا بشىء من هذا
بل برحمة الله فقط
و هذا مصداق حديث سيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم اذا يقول -- لن ينجي أحدا منكم عمله ، و لا أنا ، إلا إن يتغمدني الله برحمته ، و لكن سددوا و قاربوا ، و اغدوا و روحوا ، و شيء من الدلجة و القصد القصد تبلغوا --  صحيح الجامع 5229
فأين نحن اليوم من هذه المعانى الطيبه فى كتاب الله وأين نحن اليوم نحن منا من يحارب الله و رسوله و يسىء الأدب مع الله و رسوله و أنبياؤه باسم حرية الفكر تارة و حرية الابداع تارة أخرى
و اين نحن من شكر نعم الله علينا هذه سواء بافراد الله بالعبوديه لله الخالصه فى الأمر و النهى و الحكم
و أين نحن و نظن أننا ضمنا الفردوس الأعلى من الجنه فقط بقليل صلاة أوصدقة أو أمر بمعروف و نهى عن منكر أوعلم نتعلمه ...

فهل كان لنا أن نتوقف ولو لدقائق لنتعلم من النمل

ليست هناك تعليقات: