الاثنين، مايو 06، 2013

عمالة أم خطأ فى التصور






عمالة أم خطأ فى التصور :



الحديث الكثير عن تحليل أسباب الحراك لبعض الجماعات الاسلاميه ، يأخذ العديد م الصور و هذا ليس وليد اليوم أو الأمس ، و لكن هذا الأمر بدأ منذ اشتعال جذوة رفض الظلم ، و السعي إلى العودة إلى التصور الاسلامي الصحيح لقيام المجتمع .

و أخذ هذا التحليل عدة صور ، ما بين فريق يرى أن هذه الجماعات إنما هى فى الأساس مجرد عرائس ماريونت فى يد النظام ( أى نظام ، سواء كان محلى أو دولى ) ، و هذا بسبب الهزيمة النفسية التى أعترت المسلمين ، فأصبحوا لا يتصوروا أن يتم أى حراك إلا بإذن من النظام (المحلى_الدولي) 

و تصور أخر أعتمد فى الأساس على أن هذا الحراك لابد أنه ينطلق من منطلق عقائدى لدى هذه الجماعات، و بالتالى الحراك ما هو الا العمل الفعلي على الارض لما فى الكتب من التنظير ، بغض النظر عن هذا التنظير هل هو صحيح أم خطأ .
و لذا كان هذا التحليل ، عسى أن يكون فيه من الحق ، و فى معرفة العلة فى تأخر العمل الاسلامي عن ظهور ثمرته فى الواقع و قطف هذه الثمار .

خطأ بعض الجماعات الاسلاميه فى الحراك، فى الأساس ناتج عن خطأ التصور ، و التوصيف للواقع على وجه صحيح .

فمثلا:  الجماعات التى لم تشارك فى الثورة على الرغم من أنها كانت بالملايين فى المجتمع ، و عانت من الأذى الكثير فى التضييق عليها  ، فعدم مشاركتها  فى الغالب ليس لإنهم عملاء لأمن الدولة، أو ما شابهه من التهم التى لا يوجد عليها الأدله الكثير، و إن كان ثبت هذا الأمر فى حق البعض منهم، أو الوقوع فى فخ العمالة دون أن يدري بعض قيادات ورموز هذه الجماعات .

لكن الخطأ كان فى الأساس لخطأ التصور و توصيف الواقع ، فهى ترى هذا الحاكم أنه حاكم مسلم ، و مازال على الإسلام ، لانه يصلى أو نطق بالشهادتين، و حتى مع اتيانه بالكفر ، فهم يروا أنه معذور بالجهل ، أو لم تقام عليه الحجه، أو أنه كفر عملي لا ينقل عن الملة .

ثم بعد ذلك ، زاد على هذا التصور الاتيان بالادله على عدم جواز الخروج على الحاكم ، و لى عنقها على اقصى محمل لتصل الى الرضا بالذل و حشد الادله على ذلك ، ثم تأثيم حتى من يقول كلمة الحق فى وجه السلطان الجائر. و التغافل عن الادله التى تحرم الظلم و تدعو الى الصدع بالحق و الى معرفة من هو الامام الحق و كيف تكون طاعته .


هذا التصور الخاطىء لهذه الجماعات،  التى لا تتحرك فى الأساس إلا بعد التوصيف الشرعي ، هو الذى نتج عنه مباشرة عدم القول بالمشاركه فى التظاهرات ، من هذا المنطلق، أنه حاكم مسلم و بالطبع من يقاتل فى سبيل هذا الحاكم هو مسلم ، و بالتالي له حرمة الدم و المال و العرض.

و عليه فإن تحمل ما أسموه أدنى المفسدتين هو بعدم الدخول فى المشاركه فى التظاهرات، أو الصدام مع النظام بكافة صوره، و لو كان حتى بالكلمه، بل وصل بهم الحال من الهزيمة النفسية الى تأثيم و الانكار على من يصدع بالحق  .

دائما هذا التصور الخاطيء فى توصيف الواقع هو الواجب الرجوع له عند تحليل المشاهد للجماعات الاسلاميه تحديدا.

لإنها فى الأساس جماعات عقائديه الحركه، و المنطلق. و الى هنا هذا هو احسان الظن بها ، و لو أخطأت الطريق ، و عدم الانجرار الى فكرة العمالة أو المؤامرة التى لابد من أخذها فى الاعتبار  .

و عليه طبقا لهذا  التحليل يمكن أن يفهم كيف يكون الحراك لبعض هذه الجماعات ، و  يتبقى السؤال حول  مسألة المشاركه للبعض منهم فى الحراك عموما على الرغم من فقدانه للتصور الصحيح كما تم توضيح هذا الامر مسبقا  .

هذه الحاله لا تعدو إلا عن دربين فقط :

الأول: 

  أنه يشارك من منطلق الغضب و التعامل العقلي العاطفي  البحت، الناتج عن الشعور بالظلم و القهر  ، و يغيب عن ذهنه ما قام بالتأصيل له  من أدلة شرعية، و مشاركته  فى الحراك من هذا المنطلق فى الأساس.

و هذا الغالب الأعم لهذا النوع الأول، و هذا يظهر عادة بعد النقاش و مراجعة الأدلة على المشاركه .

و هذا التحرك لا حرج فيه لانه فى الاساس يوافق الفطره السليمه التى لا تقبل بالظلم .

 يقول الحاج مالك الشهباز (مالكوم X   ) فى عبارة واحدة بسيطة التركيب عميقة المعنى

"I believe in a religion that believes in freedom. Any time I have to accept a religion that won't let me fight a battle for my people, I say to hell with that religion"

إننى أؤمن بالدين الذى يؤمن  الحرية، و فى أى وقت سيكون على أن أقبل بدين يمنعنى من أن أقاتل فى معركة من أجل قومى، سأقول له أذهب إلى الجحيم " مالك الشهباز

و لذا فهذا النوع الواجب عدم الاعتماد عليه كثيرا فى الحراك، لانه منطلقه حماسي غير عقائدى هذه المرة، و بالتالي مع الفتور و تطاول الأمد سيفقد مشاركته فى الحراك.

و سيرجع مره أخري إلى ما قام بتأصيله من الأمس، و هذه هى النقطة  التى سقط منها أصحاب المراجعات ، فلم يسقطوا من جهة التعذيب و ما شابهه فى الاسجون ، بل من جهة اللعب على هذا الوتر و هو التأصيلات الخاطئه فى الأساس.

الثاني : 

 أنه يشارك من منطلق الاعتماد على بعض الادله الكليه فى التأصيل  الذى قام به بالأمس، و هنا على الرغم من أن التحرك له ادله لديه، إلا أنه عند وقوع الصدام ، أو إذا وجد أنه لم يجد ثمار الحراك له سريعا ، فيسارع مباشرة بالانسحاب عن المشهد،لكى لا يشعر بنوع من الفصام فى ما بين ما قام بالتأصيل له و الحراك الذى مارسه .


عند ممارسة هذا التحليل، الهدف منه وضع كل تيار من هذه التيارات فى الحجم الملائم لها، و معرفة العمل الذى يليق بها ، و من الممكن أن تؤديه بنجاح، دون تحميلها ما لا طاقة لها به. أو الدفع بها فى  فى الأعمال التى لن تطيق التحمل لها .

النقطه الأخري ، و هى الأهم و هودراسة هذه الأخطاء ليس من جهة الوقوف فقط على الخطأ ، أو التشهير كما يحلو للبعض فى الممارسه، ممن حُرم المشاركه فى صحوة الأمة ، لكن من جهة دراسة الأخطاء للسابقين ،من أجل استكمال ما قاموا به من النهوض بالصحوه ، ثم تفادي هذا الخطأ لاكمال هذه المسيره المباركه .

من الكلمات الطيبه التى كان قد ذكرها الشيخ أبى محمد المقدسي (فك الله أسره) حول العلاقة بين ما يسمى إعلاميا بالسلفية التقليدية و السلفية الجهادية  فكان مما ذكر: 

" أن للسلفيه التقليديه دور كبير  فى منهج إحياء الأمه فى مسألة التحذير من شرك القبور و الأضرحه و غيرها ، و أنه لا يتصور لأمة أن تجاهد و هى تعتقد أن هذا الميت ينف أو يضر. "  ثم قال " ... و لكن بعد فتره سقط بعض هؤلاء الرموز فى مداهنة بعض الحكام و السكوت على بعض أعمالهم " –بتصرف ( من لقاء قناة الجزيرة مع الشيخ ابى محمد المقدسي)

و من طرائف هذا اللقاء أنه بعد تسجيل اللقاء و أثناء اذاعته على القناه ، تم الاعلان عن قبض الأمن الأردني على الشيخ أبى محمد المقدسي (فك الله أسره)

و هذا هو المنطلق الذى أدندن حوله ، فى علة فهم التصور لكل حراك يحدث ، فالهدف منه الاستفاده من حسنات كل حراك ، و الانتباه الى الخطأ و تحليله و معرفة  أسباب السقوط.

و لذا فان ما اريد ان يسأله الشباب لانفسهم فى كل حراك ، و أخص الشاب المنتسب إلى العمل الإسلامي ، الذى غايته توحيد الله ، و السعي إلى إقامة شريعة الله فى الأرض، و العدل، و الإعمار لها .

أن يسأل نفسه عن علة الحراك، و ماهو الموقف الصحيح ، و ما هى علة الأخطاء التى أصابت الحراك الجزئي للتيارات الاسلاميه

و هل حقا من الممكن أن يكون السبب هو خطأ التصور و توصيف الواقع، و ليس أن الواقع صعب التغيير فى الاساس.

و للحديث بقية إن كان فى العمر بقية

بقلم : محمد جاب الله



ليست هناك تعليقات: