الخميس، مايو 17، 2012

رسالة الى الاسود فى المعتقلات

-->
-->
رسالة إلى الأسود فى المعتقلات

الأُسْدُ تزأر فى الحديد
ما بكى الضرغام استجداءً لسجان

إليك أخي فى السجون و المعتقلات

إليك أخي يا من تحملت الأذى لأجل أن أنال كرامتي

إليك أخي أكتب هذه الكلمات  لعلك تقبل أن تسامحني على تقصيري فى حقك و في نصرتك و موالاتك حق الموالاة التى افترضها الله عليّ من  فوق سبع سموات فى وجوب نصرتك و مؤازرتك و مواساتك فى محنتك التى تمر بها

أنت الذى كنتَ مسارعاً فى حمل كلمة الحق و الصدع بها و تبنّيها و الدعوة إلى الثورة على الظلم فى كل مكان. لم تخرج تطالب بمصلحة شخصية لك أو مصلحة حزبية  منتنة وقودها التعصب و الجهل، بل خرجتَ تقول: "ارفعوا أيديَكم أيها الظلمة عن هذا الشعب"

رأيتُك أول مرة فى الميدان تتحرك هنا و هناك كالأسد شامخَ الرأس بعزتك و كرامتك. قد تكون وحيداً إلا أنك أبَيْتَ إلا أن تعيش حياة الكرام، أبَيتَ أن تكون ممن استكان لحكم الذئاب و الضباع بعد أن خان الكثير و تخاذل الكثيرون.
لم تكن من أصحاب الكروش الذين يُلقُون الخطبَ الرنانة من أجل المصالح الضيقة، ثم إذا جاء وقت العمل والجد والاجتهاد، رأيتَهم خَنسُوا إلى جحورهم لا تسمع لهم رِكزاً.

أنت الذى قررتَ أن تُحوّل الخطب الرنانة والكلمات الحماسية إلى واقع عملي على الأرض بدلاً من أن تكون من الذين يستمعون فقط ثم يتأثرون لدقيقة أو اثنتين، ثم يرجعون مرة أخرى إلى سابق عهدهم فى الرضا بالذل، أو الاندماج فى الذل من أجل أن يعيشون فقط. لا فرق بينهم و بين البهائم العجموات. أقصى طلب لهم فى الحياة النوم و الطعام. و ينسى أحدُهم أنه إنسان قبل كل شيء، يستغنى عن الطعام والنوم من أجل الكرامة و العيش بحرية.

أخي.. عندما سلكتَ هذا الطريق كنتَ تَعلَمُ العاقبة فيه، ولكنك مَنَّيْتَ نفسك بما  تشتهى من المعالى،منَّيتها بثمرة هذا الطريق فى نهايته
لقد  تحركتَ و تَعلَمُ أنك قد تسقط أسيراً لدى الظالمين أو قتيلاً أو مصاباً على أيديهم، ولكنك ما طلبتَ إلا العلا والرفعة.. لم تَكُن مِنَ الذين يُعطون الدُنيَةَ فى الحق..

كان شعارُكَ أخي طوال الوقت:

المَنِيّة لا الدُّنيَة

خَذَلكَ الجميع من حولك من شيوخٍ استمرأوا حياة الدُّعّة والتكاسل والاستقبالات الحافلة فى المؤتمرات (الحزبية) وأصبحوا يخافون من ضياع المكاسب (الحزبية).. أيضاً..

خَذَلكَ إخوانُك فى الدّربِ بينَ مَن قُتِل ضميرُه فيخونُك، ومَن يقتُلُ رجولتَهُ فيقول إنك المخطئ لأنك قلت  للظالم "لا"، وإن "واجب المرحلة" أن تَخنُسَ مثله وتعيشَ فى الجحور

أيها المتخاذلون.. ما لكم كيف تحكمون

اعلم أخى أن استنقاذَكَ من معتقلات الظالمين فرضٌ علينا وحقٌ لكَ علينا، فما مَنَّ الله علينا مِن نعمة الحرية اليوم، وقدرة على التعبير و الانطلاق  هنا وهناك، إنما كان هذا بفضل توفيقِ اللهِ لكَ لتكون ثائراً ضد هذا الظلم وضد أولئك الظالمين، فأحيَيتَ فينا فقهَ العزةِ والكرامةِ مرة أخرى بعد  أن كاد يلفظ أنفاسَه الأخيرة  مِن بَينِ جنباتِنا. فقهَ العزةِ الذى قتله فينا دعاة الانهزام حتى لا يظهروا بمظهر المتخاذل، فقتلونا بانهزاميتِهم و خضوعِهم أمام كل عتل جواظ متكبر. فقهَ العزةِ الذى لا يستطيع أن ينقلَه إلا مَن كان حُرّاً أبيّاً، وليس مَن عاش يُقَبِّلُ أيادِ الحكام الظالمين، و يَقْبَلُ منهم العطايا ويُنَسِّقُ معهم في.. حفظ الأمن!!!


أما دعاة الانهزام أصحاب فقهِ الأحزاب وفقهِ المكالمات مع الظالمين والتنسيق معهم من أجل "حفظ الأمن"، فإنا سنُسمِعُكم بعضَ ما نسيتُموه أو تناسيتُموه من الحق عسى أن تعودوا إلى رشدكم مرة أخرى وتفيقوا من تلك المهزلة
وعسى  أن تخرجوا من براثن الذئاب التى سقطتُم فيها باختياركم ونسيتم قول الشاعر
مخطئٌ مَن ظنَّ يوما.. أنَّ للثعلبِ دينا

إليك يا صاحبَ الشبهةِ و ياصاحبَ دعاوى الانهزام رداً على شماتَتِكَ فى ما وقع للأخوة المعتقلين وقولك  إنهم السبب فيما حدثَ لأنفسهم..

انظر إلى مَن سبقكَ فى تلكَ الشبهة وانظر كيفَ وصل بك الحال إلى أن تقولَ مثلَ قولِهم. قال الأبترُ المهزومُ فكرياً من قبل إلى المجاهدين المنطلقين إلى ربِّهم رافعينَ راياتِ الحقِّ طالبينَ المعاليَ لما أصابهم ما أصابهم فى جولةٍ من الجولات:

"يا أيها الذينَ آمنوا لا تكونوا كالذينَ كفروا وقالوا لإخوانِهم إذا ضَرَبُوا في الأرضِ أو كانوا غُزًّى لو كانوا عِندَنا ما ماتوا وما قُتِلوا لِيَجعَلَ الله ذلكَ حسرةً في قلوبِهِم واللهُ يُحيِي ويُميتُ واللهُ بما تعملون بصير (156) ولئن قُتِلتُم في سبيلِ اللهِ أو مُتُّم لَمَغفِرةٌ مِنَ اللهِ ورحمةٌ خيرٌ مِمّا يَجمَعون (157) ولَئن مُتُّم أو قُتِلتُم لإلى اللهِ تُحشَرون (158)" -- سورة آل عمران

ألستُم أنتم المُردّدين مِن قبلُ قولَ سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في الصحيحين عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تَرى المؤمنينَ في تراحُمِهِم وتَوادِّهِم وتعاطُفِهِم كَمَثَلِ الجسدِ إذا اشتكى عُضوٌ تداعى له سائرُ الجسدِ بالسَّهرِ والحُمّى"؟

أليسَ  في الصحيحين أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "المسلمُ أخو المسلمِ لا يظلمُه ولا يخذِلُه ولا يَحقِرُه"؟.

أما سمعتم  قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فُكّوا العانيَ وأطعموا الجائع وعودوا المريض"؟

أما قرأتم في الصحيح أيضاً عن أبي جحيفة قال: قلت لِعَلِيٍّ رضي الله عنه: "يا أمير المؤمنين، هل عندكم من الوحي شيء؟ قال: لا، والذي فَلَقَ الحبّةَ وبرأ النسمةَ إلا فَهماً يُعطيه اللهُ عز وجل رجلاً، وما في الصحيفة. قلت: وما في الصحيفة؟ قال: العقل، وفِكاكَ الأسير، ولا يُقتل مسلم بكافر"؟.

ما لَكُم لا تُؤَرِّقُكُم آياتُ اللهِ التى تتلونها فى صلواتكم؟ ما لَكُم لا تستنهِضُكُم تلك الآياتُ التى تأتي كالصواعقِ المُرسَلةُ على رؤوسِ المتخاذلين عندما يقولُ تبارك و تعالى: "وما لَكُم لا تقاتلون في سبيل اللهِ والمُستضعَفينَ مِنَ الرّجالِ والنساءِ والوِلدانِ الذينَ يقولونَ ربّنا أخرِجنا مِن هذهِ القريةِ الظالِمِ أهلُها واجعل لنا من لدُنكَ وَلِيّاً واجعل لنا مِن لَدُنكَ نَصيراً"؟

ماذا ستقولون لربكم غداً؟

أتَركنا  إخواننا فى المعتقلات والسجون و تقاعسنا عن نُصرَتِهم من أجل الحفاظ على الكراسى فى المجلس التشريعي أم من أجل حفظ الدعوة؟

أيُّ دعوةٍ تلكَ التى تقول اترك أخاك مظلوماً؟ إنّ تلكَ الدعوة بهذه الطريقةِ محكومٌ عليها بالموت، ولا يَغرّنّكم التقلبُ فى البلاد هذه الأيام وما أنتم فيه مِنَ المتاع؛ فإنما ذلكم نعمةٌ من الله لِيَنظُرَ إليكم هل تشكرون أم تكفرون، هل تؤدون حقَّ تلك النعمةِ أم تخونون الامانة.

سَكَتنا مِن قبلُ مِراراً

 قلتم هؤلاء أناركيون عملاء مفسدون
قلتم هؤلاء نصارى يسعون إلى الإفساد
قلتم هؤلاء صبية ماتوا في لَهوٍ مُحَرَّم
!!!!!!!!!!!!

أما اليوم فما  عذرُكم؟ أليسَ المعتَقَلون هذهِ المرة هم طلبةَ العلمِ و تلامذتَكم؟

أليس المعتقلون هذه المرة هم أطباء وصيادلة ومهندسين؟

أما رأيتُم هذه المرة البلطجيه وصورَهم المنتشرة ولم تَجِدُوا مِن الظالمين أي تَحرُّك إلا للبطش بالفئةِ الصادعةِ بالحق؟

ما الذى يجعلُ لديكم تلكَ الثقةَ أنّ النارَ لن تَمَسَّكُم؟

إنَّ اليهودَ فى تحريفاتِهِم كانت حجتُهم: "وقالوا لَن تَمَسَّنا النارُ إلا أياماً مَعدودة" فقال لهم ربُّ العزة "قُل أتَّخَذتُم عِندَ اللهِ عَهداً فَلَن يُخلِفَ اللهُ عَهدَهُ أم تقولونَ على اللهِ ما لا تَعلَمون". أما أنتم فما حجتُكم فى التقاعسِ و كأنكم لم تَرَوا شيئاً؟
سَخَرتم بالأمسِ من شاهدي الزورِ الذينَ قالوا لم نَرَ قتلة أو قناصة، وها أنتم اليومَ تفعلون مثلَهم: لم نرَ بلطجية أو ظلم أو اعتداءٍ على المسالمين !!!!!!

أما أنت أخي المعتقَل

لا تحزن على ما آلت إليهِ الأمور؛ فإنّ الأفاضل مِن قبلُ قد أصابهم ما أصابك من الابتلاءِ قبلَ التمكين، وإن ما يمارَسُ ضِدّكَ اليومُ إنما هى السننُ الكونيةُ قبلَ النصرِ بإذن الله .

أليسَ السجنُ هو ما أصاب نبيَّ اللهِ يوسُفَ مِن قبلُ "فمَكثَ في السجنِ بِضعَ سنين"؟
أوليسَ التهديدُ بالسجنِ هو ما قد هَدّدَ به اللعينُ فرعون مِن قبلُ نبيَّ اللهِ موسى لما ظهر الحقُّ وبانَ ما عليه هو من الباطلِ وضعفِ الحُجة؟
ألم يكُن فرعون مِصرَ مُتَوَعِّداً الصادعَ بالحقِّ لما دعا الناسَ إلى التّحرُرِ من ربقةِ الذّلِّ وعبوديتهِ والخضوعِ له، فقال لموسى "لَئنِ اتّخَذتَ إلَها غيري لأجعلَنّكَ مِنَ المسجونين"؟
أولم يكن  هذا إحدى وسائلِ التهديدِ لخيرِ الخلقِ وإحدى خياراتِ قريشٍ في عذابِها لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وإذ يَمكُرُ بِكَ الذينَ كفروا لِيُثبِتُوكَ أو يَقتُلوكَ أو يُخرِجُوك"؟

ولكن كيف كانت العاقبة والبشرى؟

فنبيّ الله يوسف مكنهُ الله وأظهرَ براءتَهُ و جعله على خزائن الأرض مُمَكّنا..
و نبيّ الله موسى نَجّاهُ اللهُ من بطشِ الطاغوتِ و خسفَ بالطاغوتِ وجنودِهِ الأرض فغرقوا فى اليم..
وسيد الخلقِ كانَ له التمكينُ والرِّفعةُ ولصناديدِ قريشٍ وعُتاتِها قليب بدرٍ صرعى فيه..

إن جزاءك أخى المعتقل على صبرك عند الله الذى أعدّ لك ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سَمِعَت ولا خَطَرَ على بالِ بشر

أنت الذي وعَدَكَ الحقُّ تبارك و تعالى بأن يُوَفّيَكَ الجزاءَ الأوفَى على صبرِك واحتسابِك وجهادِك وصدعِك بالحقِّ ولم تَكُن لِتَنتَظِرَ جزاءً ولا شكوراً من العباد؛ إنما خرجتَ إعلاءً لكلمةِ الحقِّ ونُصرةٍ لها

فلكَ في سيدِ الخلقِ قُدوَة وفى إمامِ المُوَحِّدينَ هِداية..

إنني لا أخافُ عليكَ لأنكَ فى حمى اللهِ الذى أمَرَك بالاقتداءِ بإمامِ المُوَحِّدين.. "ومَن يَرغَبُ عَن مِلَّةِ إبراهيمَ إلاّ مَن سَفِهَ نَفسَهُ ولقد اصطَفَيْناهُ في الدُّنيا وإنهُ في الآخرة لَمِنَ الصالحين (130)" -- سورة البقرة

   وأحسَبُك مِمّن يُنَزِّلُ اللهُ عليهم سَكينَتَهُ وأمنَه، وإنما   الخوفُ والرعبُ من نصيبِ الظالمين وأنصارِهِم.. "وحاجَّهُ قومُهُ قالَ أتُحاجُّونِي في اللهِ وقد هَدانِ ولا أخافُ ما تُشرِكونَ بِهِ إلا أن يشاءَ ربّي شيئاً وَسِعَ ربّي كُلَّ شيءٍ عِلماً أفَلا تتذكرون (80) وكيفَ أخافُ ما أشركتُم ولا تخافونَ أنّكُم أشركتُم باللهِ ما لَم يُنَزِّل بِهِ علَيكُم سُلطاناً فأيُّ الفريقَينِ أحقُّ بالأمنِ إنْ كُنتُم تعلَمون (81)" -- سورة الأنعام

أحسَبُك مِمّن حَرَّكَهُم قولُ سيدِ الخلقِ: "سيدُ الشهداءِ حمزة، ورجلٌ قامَ إلى سلطانٍ جائرٍ فأمَرَهُ فَنَهاهُ فَقَتَلَه"، وأنكَ تحركتَ تطلُب الشهادةَ مِثلما طَلَبَها مِن قبلِك سيدُ الخلق.

ولك وعدٌ بالنصرِ بإذن الله:
 "إنَا لَنَنصُرُ رُسُلَنا والذينَ آمنوا في الحياةِ الدُّنيا ويومَ يقومُ الأشهاد"، "وتِلكَ الأرضُ نُورِثُها مَن نشاءُ مِن عِبادِنا الصالحين"".. وعدٌ غير مكذوب..

أتُسبَى المُسلِمـاتُ بِكُــلِّ ثَغرٍ         وعَيـشُ المُسلِمينَ إذاً يَطيــبُ
أمـــا للهِ والإســـــــلامِ حَـــــقٌّ         يـُــدافِــعُ عنــهُ شُــبّانٌ وشيبُ
فقُل لذَوي الضّمائِرِ حيثُ كانوا        أجيبـــوا اللهَ وَيحَكُـــمُ أجيبـــوا

----
بقلم: محمد جاب الله
مراجعة : خالد صديق 

ليست هناك تعليقات: