السبت، فبراير 16، 2013

أهل التوحيد و بناء العش






أهل التوحيد و بناء العش






خواطر الفجر
-

أن تجلس فى المسجد قليلا بعد صلاة الفجر، و تشاهد مشهد من أجمل المشاهد، يمامة صغيرة تقوم ببناء عش لها أو لأولادها الصغار فى المستقبل، فتشاهدها و هى تحمل فى فمها عود من القش لتقوم بوضعه فى تناسق هندسى بديع لم يعلمه أحد لها إلا الله، فتنظر لها و هى تبنى هذا العش، فلا يدور فى خاطرك إلا حال أهل التوحيد و الجهاد.

فهكذا هو حال الموحد السائر فى الأرض بمفرده، و لكن يسير على هدى، و نور، و علم، و بصيرة، فهو لا ينتظر مساعدة من أحد فى طريقه ، و لا ينتظر أن يعينه أحد ليتحرك سائرا إلى الله و لو كان وحيدا فى دعوته.

فهو مثل هذه اليمامة يقوم باداء دوره فقط فى الدنيا، و من يعلمه السير فى هذا الطريق هو الله، فهو من يهديه إلى الحق، و يقيمه حيث أراد أن يراه فى موضع محدد، بدون سابق موعد أوتخطيط أحيانا.

فأهل التوحيد غايتهم رضا الله، و هذه الغايه لم تتحول إلى وسيلة فى يوم من الأيام. فتصير الوسيله هى الغاية، و الغاية هى الوسيله، كما وقع لأهل الضلال و المشركين، ممن استباحوا كل الوسائل حتى الشرك، ظنا منهم أنه يؤدى إلى رضا الله، و الله أغنى الأغنياء عن الشرك، و لا يتقرب له إلا بالطيب .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين ، فقال تعالى : { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا } ( المؤمنون : 51 ) ، وقال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم } ( البقرة : 172 ) ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر ، أشعث أغبر ، يمدّ يديه إلى السماء : يا رب يا رب ، ومطعمه حرام ، ومشربه حرام ، وملبسه حرام ، وغُذّي بالحرام ، فأنّى يُستجاب له ؟ ) رواه مسلم .

و على هذا كان سير أهل التوحيد و الجهاد، و كان هذا ما ربط الله به على قلوبهم، فهم يؤدوا ما عليهم فقط من أمر الله ، لا ينتظروا احتجاج بأكثريه أو يعيقهم قلة سالكى السبيل .

و من الذين أجادوا فى بيان هذا الأمر كما أحسب الشيخ ترك البنعلى (وفقه الله) فى رسالته " السلسبيل فى قلة سالكى السبيل" فى الرد على متهوكى الاحتجاج بالاكثريه على كل عمل كبير أو صغير، حتى أضاعوا أوثق عرى الدين بسبب هذا النفخ من الشيطان.

و لكن أهل التوحيد و الجهاد حسبهم فقط و يكفيهم قول الله تعالى :

" فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا 84 "

فهذا هو النور التام إلى يوم القيامه

و قد تكون هناك وقفه مع هذه الاية التى هى لو استمع لها واحد من النفر بقلبه لكانت كافيه له كنبراس فى السير إلى الله فقط.

فكن أخ التوحيد كهذه اليمامه فى العمل و السعي و الصبر ، و أعلم أن العش و سيلة و ليس غاية



بقلم : محمد جاب الله

ليست هناك تعليقات: