الخميس، يناير 10، 2013

مدرسة يوسف 3

مدرسة يوسف (3)


أثناء النزول إلى صلاة الفجر، و فى هذا الصقيع الذى يؤلم العظام و تصطك منه الأسنان، ما جال بخاطرى إلا شىء و احد فقط، و هو حال إخواننا من المعتقلين الان و قديما .

تذكرت ما كان يقع لإخواننا الموحدين فى التسعينات من حفلات التعذيب الجماعى و التأديب و الضرب بالعصى و الهراوت فى هذا الجو البارد على الرؤوس و الأجساد، و كيف كان حال الأخوه فى هذا الجو.

ما أصابنى بالألم و الحسرة، إلا من يأتى و يقول و هو جالس فى بيته مُسترخى يستدفأ بقميص و اثنين و المدفأه عن يساره،و المشروب الساخن عن يمينه، و هو يرتشف منهببطىء ليستعر الدفىء بإنحاء جسده ،ثم يكتب من خلال حاسوبه عن هؤلاء الارهابيين المتوحشين أصحاب اللحى الطويله، طامعى السلطه الذين لا يعرف من أين أتوا بعد 25 من يناير .

أى سلطه هذه و هؤلاء ما ضحوا بالأمس و تحملوا إلا من أجل - لا إله إلا الله- و قت أن كان أعظم المعارضين اليوم أقصى ما يمنع عنه محاضرة فى الجامعه أو مؤتمر صحفى.

هذه الأجساد التى كُسرت عظامها لا لشىء إلا فقط لقولهم ربنا الله لا نبغى ربا سواه و لا حكما إلا إياه، فكان نصيبها التنكيل و البطش و الخوف، حتى سقطت منهم الدموع، و ما أدراك حال الدموع إذا سقطت من الرجال من الحسرة و الألم، كل هذا جال بخاطرى، فما وجدتنى إلا أبكى على حال إخواننا الغرباء فى كل مكان .

غرباء الأمس و اليوم، وهم  مستضعفون فى الأرض يتخطفون من كل مكان، لا عالم بحالهم إلا ربهم، لم يتشكوا يوما، طلبا لمرضاه الرب و الأجر الكامل الغير منقوص عن الاحتساب .

تذكرت حال البطل المجاهد الشهيد كما نحسبه - محمد عبدالسلام فرج - عندما سأل فى المحكمة عن ما تعرض له من تعذيب و كان البطل قد قام الطواغيت بكسر فخذه فى سجن القلعه، فأبى أن يتكلم و أحتسب ما وقع له عند الله، ظنا أن هذا من التشكى إلى البشر، فمضى إلى ربه و قد أحيا الله به الفريضة الغائبة.

تذكرت حال إخواننا من المجاهدين العرب أصحاب أنصع الصفحات بياضا فى التاريخ الحديث، الذين ستشهد لهم الأرض يوم القيامة بإذن الله على نُبل أخلاقهم و إخلاصهم، و هم يصعدوا جبال الهندكوش بأرض خرسان الطاهرة، ثم تتجمد أوصالهم من شدة البرد و الثلوج، فما يجد الأخوه بدا إلا قطع أقدامهم، و هم أحياء، لكى يكملوا المسيرة ، و السير إلى الله.

هذه الأوصال التى قُطعت لا لشىء إلا فقط نيلا لرضا الرب فى علاه .
فالتضحية ليست كلمة و خطبة فى قاعة مكيفة الأركان، بل عمل يصدق الكلام، و عمل يصدق الاعتقاد.

تذكرت هذا و حال هذه الأجساد، التى ما أنطلقت إلا لنيل رضا ربها بإعلاء كلمة التوحيد و الجهاد، فما بدلت و ما غيرت و ما رضيت بإن ينال منها طاغوت الأمس و اليوم، فى أن يجعلها تبدل و تغير، أوأن تقبل بتجارة مع البشر فانية لمصلحة عقليه أو دنيوية،إنها نفوس ما ابتغت إلا تجارة رابحة مع الله فقط.

السلعه فيها الروح و الجسد  ، و الثمن فيها الجنه ، و المشترى هو الله

-إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ( 111 )
سورة التوبة

فاللهم إنك تعلم حال هؤلاء الغرباء

اللهم ارزقهم ما طلبوا و ما تمنوا

إنك على كل شىء قدير

بقلم: محمد جاب الله

ليست هناك تعليقات: