الفعل المجرد و المنهج
يعتقد بعض تلامذة ابليس من الأنس أن بعض الأفعال المجرده عن المنهج هى علة الانبهار و الاتباع لبعض الافراد، و ليس العلة فى المنهج.
فكان مما يضحك على حال عقول هؤلاء القوم، عندما قام أحدهم باطلاق لحيته و هو متبجحا بقول أن اللحية غير خاصة بفئة معينة و أنها أمر عادى و لا شىء فيها، و ما فقه أن بعض الأفعال المجرده إنما هى دلالة على منهج محمول خلف هذا الفعل ، و لكن صار يعبر عن هذا المنهج بهذه الرمزية.
بل ما اكتسب صاحب هذا الفعل منزلته إلا من حمله لمنهج، و إلا فأتى مثلا برجل ذو هيئة أو مكانة علمية، ثم أجعله يدعو الموحدين إلى شرب الخمر أو أن يطأوا المحرمات أو أن يحكموا بغير ما أنزل الله، لوجدت نفور الموحدين عنه، و لا يتبعه أحد على ما قال إلا المشركين فقط، فإن هذه الهيئة و المنزلة إنما فرغت عن محتواها، و هو المنهج الأصيل .
أذكر أنى شاهدت تقريرا من عدة اعوام حول السماح للطالبات المحجبات بالدخول إلى الجماعة فى تركيا، فكان من تعليق أحدى الطالبات الغير محجبات الموسومات بالعلمانيه قائلة على السؤال بإن الحجاب من الحريات و من حق المحجبه أن تدخل إلى الجامعه فرد بكل وضوح و بدون تزييف و عبرت عن حقيقة الأمر قائلة:
"إن دخول المحجبات إلى الجامعة سيعنى أنها تعتقد فى نفسها أنها أفضل منى و ذلك لإيمانها "
فهذه هى الحقيقة التى يتعامى عنها البعض، فالعلة ليست فى الأفعال المجردة إذا تخلت عن المنهج، فالقوم ما يضرهم لحية و لا قميص و لا غطاء رأس ، بل منهج يعبر عنه بهذه الرموز .
بل كان عدو الله أبو جهل على علم بهذه الرمزية، و ما ستحمله من تبعات لمنهج واضح المعالم. فمنعه هذا عن قول لا إله الله لعلمه بتبعات هذه العبارة التى تكون رمز لمنهج سيتبعه .
كمثال اخر :
مما تميز به المنهج السلفي، و المنتسبين له من عموم المسلمين هو المحصلة العلمية القوية القائمة على الاصول الشرعية الثابته .
بحيث صار لفظة " طالب العلم " تنصرف تلقائيا لابناء هذا المنهج الدعوي ، بين عموم المسلمين .
و صار بداية الشروع فى الانتساب الى هذا النهج الدعوي، هو المثابرة على طلب العلم و تحصيله و العلم و العمل به .
لكن صار من الفصام، حدوث الانفصال بين الجوهر العلمي الشرعي، و المظهر الخارجي الموحي خداعا الانتساب الى هذا النهج الدعوى ، بحيث لا يحمل صاحبه على الحقيقة ، اول ميزات هذا الانتساب، و هو الاهتمام بالعلم الشرعي علما و عملا .
لكن الاكتفاء فقط بنقر بعض العبارات من كتب المتأخرين و بعض العبارات من الدروس الدعويه فقط ، دون تحصيل الجوهر الاساس.
كان مما ذكره ا محمد قطب (حفظه الله) فى كتابه الرائع " هل نحن مسلمون " حول علة الانهزام التى وقعت للملسمين خاصة بعد الاحتلال الفرنسى، انها ليست فى المدافع و لا البنادق فى ذاتها ، إنما لضياع مفهوم الاستعلاء الايمانى و الولاء و البراء من نفوس المسلمين، فصاروا لأول مرة فى تاريخهم مبهورين بالكفار، بل و يسعوا إلى التشبه بهم فى ملابسهم و مأكلهم و مشربهم ..الخ
فعلى هذا يجب أن يتنبه الدعاة إلى الحق من الموحدين، أنهم إذا ما افتقدوا هذه المنهجية و تبقى فقط لهم بعض الأفعال المجرده عن حمل المنهج، فإن هنا تكون وقعت الطامة بحق. و يكون قد نال أعداء الدعوة مرادهم.
و على هذا يجب مراجعة التجريد الواقع بين المظهر و الجوهر ، لاستبانة حقيقة الانتساب و الافتراق عن المناهج .
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن
بقلم: محمد جاب الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق