الثلاثاء، أغسطس 12، 2025

كلمات في رثاء الصحفي أنس الشريف

 



بعد يوم شاق، غلبني النوم قليلًا بلا ترتيب، لأستيقظ على هذا الخبر المفجع.


قلبي يعتصر، وعيني لا تحتمل هذا الظلم الشديد النازل بنا اليوم.


لماذا؟


في كل مرة قد تحلو الحياة قليلًا ونجد في قلوبنا حياة البشر، تصر الأحداث أن تقول لنا: ليست لكم الدنيا، أو إن اخترتم الدنيا فكونوا كالأنعام تأكل وتشرب وتنام وتعمل وتموت فقط.


هذا الظلم الشديد… وهؤلاء الصغار اليتامى، وغيرهم ممن لا ذنب لهم سوى أنهم مسلمون مستضعفون في زمان أهون شيء فيه هو المسلم.


النبي الأكرم يقول: “والله لا يؤمن أحدكم من بات شبعان وجاره جائع”،

ويقول أيضًا: “ما زال يوصيني بالجار”.


وغزة اليوم كل جيرانها جيران سوء، ومن قبلها كل أرض للمسلمين إذا وقعت بها واقعة كان جيرانها جيران سوء.


“القاهرة ودمشق بوابتا بيت المقدس”،

ولما أدرك العدو هذه الحقيقة، عمد إلى شد القيد عليهما وعلى أهلهما، لتبكي القدس حزينة وحدها.


من عامين كانت أول الكلمات:

“ما بين قلبين… شتان شتان بين دموع فرح ودموع حزن”،

كان القلب يعتصر للشام وأهلها، ثم جاء الفرح من أجل الشام وأهلها.


كان الفرح يوم 7/10، ثم جاء الحزن بعد الحزن.


والله، ثم والله، ثم والله، لعلى يقين أن المسلمين منتصرون برحمة الله، ولكن كما قال النبي الأكرم: “ولكنكم قوم تستعجلون”.


عشت أيّامًا كنت فيها غريبًا، ورأيت الظلم الواقع على الأفغان، ولم يكن أحد يصدق أنهم قد ينتصرون، ثم كان كرم الله ورحمته برؤية اندحار المعتدين وخروجهم خزايا مدحورين برحمة الله.

وما زلت أذكر شدة الفرح برؤية ذلك اليوم، والانتصار، والتكبير، وفتح كابول رغم الغربة.


وما زلت أذكر سقوط الطاغية، والفرح بسقوطه، رغم أن الناس كانت تقول: لا أمل في سقوطه مطلقًا ولا تغيير اليوم، ورغم الغربة.


أعلم أن هذا قدر المسلم في الدنيا: إذا أردت أن تكون مسلمًا فهذا قدرك — القتال، والقتال فقط، والاستعداد للقتال، والدعوة للقتال.


فقدر المسلم هو: #التوحيد_والأخلاق_والجهاد.


الحمد لله الذي جعل من هذه الأحداث زيادة إيمان ويقين بالله.


فالظلم وأهله لا عهد لهم ولا خلاق.


والناس فسطاطان:

 • لا ينحاز لطائفة الظالمين، ولا ينافح عنهم، ولا يلمز المقاتلين إلا فسطاط النفاق.

 • ولا ينحاز لطائفة المؤمنين، ولا ينافح عنهم، ولا يقف دفاعًا عن المقاتلين إلا فسطاط الإيمان.


ولن تعود حقوق المسلمين على يد النظام الدولي، ولا على يد مؤسساته، لمن يستجدي منهم العطف، فهؤلاء ليسوا بأهل حلف الفضول، بل هم أهل دار الندوة مجتمعين على الظلم فقط.


ولن يسترد المسلمون حقوقهم إلا على يد المقاتلين، فهذا وعد الله، وهذا قدر المسلمين، وهذه الجنة أعلى درجاتها للشهداء والمقاتلين مع الأنبياء والصديقين.


المقاتلون الصديقون الذين كذبوا العقل المادي والمرجفين، وصدقوا وعد ربهم لهم: “وإن جندنا لهم الغالبون”.


اللهم إنك تعلم ما في قلوبنا، وأنت الرحمن الرحيم يا رب العالمين.


اللهم رحمتك بالمسلمين والمستضعفين والأرامل واليتامى.


يا من رحمتك وسعت كل شيء.

يا من رحمتك وسعت كل شيء.

يا من رحمتك وسعت كل شيء.


#ما_بين_قلبين

الثورات والعصا والجزرة


الثورات والعصا والجزرة


تختلف الثورات عن الانقلابات في جوهرها؛ فالثورات تعبير شعبي صادق عن رفض الظلم والتبعية، بينما الانقلابات غالبًا ما تكون رهينة لولاءات خارجية، إذ لا تنبع من رحم الشعب، بل هي التقاء مصالح فئة ضيقة مع جهة أجنبية، فتتحول البلاد من تبعية إلى أخرى.


وحين تندلع الثورات، فإن تحررها من قبضة الخارج يثير قلق القوى المستفيدة، فتسعى إلى إعادة تدجينها. ولأن البلاد في هذه اللحظة تكون منهكة بعد سنوات الظلم والقتال، تبدأ سياسة “العصا والجزرة”: تُمنح القيادات الشريفة بعض المكاسب المحدودة مقابل تنازلات صغيرة، بحجة تحسين الوضع الداخلي أو نيل اعتراف دولي. وهنا تكمن اللحظة الفاصلة؛ إذ يتدرج التنازل خطوة بعد خطوة، تحت ضغط الخوف من العودة إلى الماضي القاسي.


هذه هي “فتنة الخير” التي يسقط فيها كثير من القادة الصادقين؛ فهم في وجه فتنة الشر ثابتون، لكن عند إغراء الخير يتهاوون. فيغضّون الطرف عن التخلص من رفقاء الأمس بحجة أن عنادهم يضر بالنظام الجديد، ويبررون ذلك بأنهم لم يقتلوهم، بل “قتلهم عنادهم” وإصرارهم على مواصلة الثورة، متناسين أن زمن بناء الدولة لا يلغي حق الثورة في الاستمرار.


لكن المسلم الحق يدرك خطأ هذه المعادلة، إذ منهج الأنبياء لم يقم على التضحية بالعصبة المؤمنة لأجل استرضاء المنافقين. وقد كان النبي ﷺ في أشد لحظات الاستضعاف مع القبائل التي عرض عليها الإسلام، ومع من رفض الزكاة والجهاد، واضحًا لا مواربة فيه: “لا صدقة ولا جهاد، فبأي شيء تدخل الجنة؟”.


والتاريخ شاهد على مفترق الطرق الذي تواجهه الثورات:

 

• إما القبول بالتخلص من الأصدقاء المخلصين وتحويلهم إلى أتباع بلا روح، كما حدث مع آل سعود حين تخلوا عن “إخوان من طاع الله”.

 

• أو محاولة رفض التبعية بعد فوات الأوان، حين يكون القائد قد خسر كل من حوله، فيجد نفسه وحيدًا يردد: “أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض”.


فهل من قلب يعي هذه الحقائق اليوم في الشام؟